المحاماة رسالة نصرة الحق
والدفاع عن المظلوم واستقصاء العدل،ولا تناقض بين مفهوم المحاماة كمهنة مستقلة ومفهومها
كرسالة وفن رفيع، لأن نشوء المحاماة بعيداً عن سلطات الدولة ودونما خضوع لما تخضع له
هذه السلطات، وانطلاقها من واجب الدفاع وتقديم المساعد القانونية والقضائية ، واستقلالها
وحريتها وتطلبها المعرفة والعلم والتأهيل الجيد
حدد مفهومها كمهنة حرة مستقلة، وحدد غرضها ودورها كأداة للدفاع عن المحتاج،
وحدد مكانتها كفنٍ رفيع جعلها بحق رسالة نصرة الحق وتحقيق العدالة .
ومفهوم المحاماة بالمعنى
المتقدم جعل استقلالية المحاماة أهم مقومات وجودها وفعاليتها في أداء دورها و المحامي
في أدائه لمهمته وواجبه لا يخضع لغير ضميره الحر المستقل ، واستقلالية المحاماة باعتبارها
مستمدة من طبيعة وظيفته الاجتماعية كمشارك للقضاء في إقامة العدل تعني حرية ممارسته
لمهنته واستقلاليته في آلية الدفاع عن موكله ، ولعل هذا المفهوم لاستقلالية المحاماة
هو الذي دفع للقول بأن المحاماة دعامة العدل باعتبار أن العدل أساس الملك ولا عدل بغير
قضاء ولا قضاء بغير محاماة ؛ وقيل فى تعريف مهنة المحاماة
أن المحاماة هي مهنة تقوم
على إظهار الحقائق التي تغيبُ عن ذهن القاضي، ولا يعلم الموكل أنها حقائق مهمة، لذا
فإن المحاماة عامل مساعد لردّ الحق إلى أهله، فقوام هذه المهنة وأساسها هو العدل ،
وسمة المحاماة الأولى هي الوقار, فإن فقد المحامي وقاره, فقد موكله, وفقد قضيته, وفقد
قاضيه, وفقد نفسه.
المحاماة لمن يعشقها ، وهي
إن أعطت فهي لا تعطي إلا لمن عشقها وسار في دروبها وتمكن من الوصول إلى فنها وأسرارها
_ من كتاب (عظمة المحاماة) للمحامي أحمد حسن مشنن .
و قيل في تعريف المحامي
إنه إنسان يبيع الناس وقته وعقله ، وهذه هي بضاعة العقل التي كلما بيعت نمت .
وقال المفكر الفرنسي فولتير
عن المحاماة : كنت أتمنى أن أكون محاميًا، لأن المحاماة أجمل مهنة في العالم ، فالمحامي
يلجأ إليه الأغنياء والفقراء على السواء، ومن عملائه الأمراء والعظماء، يضحى بوقته
وصحته وحتى بحياته في الدفاع عن متهم بريء أو ضعيف مهضوم الحق.
وسنحاول فيما يلي و بشكل
مبسط إيضاح ما للمحامي من حقوق و ما عليه من واجبات في النظام القانوني المصري وتقاليد
وأعراف مهنة المحاماة والتي ينبغي علي المنسبين لهذه المهنة السامية أخذها بعين الإعتبار
، وسنتناول ذلك في المباحث الآتية:
المبحث
الأول : حقوق المحامي
المبحث
الثاني : تقاليد مهنة المحاماة و واجبات المحامي
المبحث الأول
حقوق المحامي
حيث كفل القانون المصري
العديد من الحقوق للمحامى ومنها :
أولا : حق المحام في قبول الوكالة أو عدم قبولها :
فللمحامي الحرية الكاملة
في قبول التوكيل في قضية معينه أو عدم قبوله وفقاً لما يمليه عليه ضميره ومعتقداته
وآراءه الشخصية ، وكل ذلك من أجل عدم وقوع المحامي في حرج معين عند قبوله التوكيل في
دعوى معينة فلا يمكن في هذه الحالة إجباره على قبوله.
وهذا ما نصت عليه المادة
48 من قانون المحاماة.
ثانيا : حق المحامى في الاطلاع على أوراق الدعاوى والمستندات
:
نصت على ذلك م (52) من قانون
المحاماة أنه : " للمحامى حق الاطلاع
على الدعاوى والأوراق القضائية والحصول على البيانات المتعلقة بالدعاوى التى يباشرها
، ويجب على جميع المحاكم والنيابات ودوائر
الشرطة ومأموريات الشهر العقارى وغيرها من الجهات التى يمارس المحامى مهمته أمامها
أن تقدم له التسهيلات التى يقتضيها القيام بواجبه وتمكينه من الاطلاع على الأوراق والحصول
على البيانات وحضور التحقيق مع موكله والحصول على البيانات وحضور التحقيق مع موكله
وفقاً لأحكام القانون ولا يجوز رفض طلباته دون مسوغ قانونى ، ويجب
اثبات جميع ما يدور في الجلسة في محضرها
" .
واستجابة لما نص عليه قانون
المحاماة ، وتوجيه العدالة وكفالة حقوق الدفاع ، أصدر النائب العام الكتاب الدوري رقم
7/1996 أورد فيه ما يلي :
" ولما كان من المقرر
أن حق الاطلاع على أوراق التحقيقات التي تجريها النيابة العامة مع المتهمين تعد من
أبرز حقوق الدفاع التي نظمها قانون الإجراءات الجنائية، والمادة / 52 من قانون المحاماة
رقم 17 لسنة 1983 – بوصفه من أهم ضمانات التحقيق الجنائي وذلك تمكينًا للدفاع من القيام
بواجبه المنوط به قانونًا."
وتطبيقًا لذلك – نظمت المواد
605، 612، 613 من التعليمات القضائية حالات وضوابط ممارسة الدفاع لذلك الحق ، وجاء
تنظيمها في هذا الشأن شاملاً كذلك لحالات ممارسة التحقيق في ظروف الاستعجال ومقتضيات
الضرورة بسبب الخوف من ضياع الأدلة.
وبناء على ما تقدم – ونزولاً
على تلك الاعتبارات فإننا ندعو السادة أعضاء النيابة إلى ضرورة العمل على تيسير حق
الدفاع في الاطلاع على أوراق التحقيقات أو نسخها ملتزمين في ذلك بما ورد في النصوص
سالفة الإشارة من أحكام وضوابط قانونية تمكينًا للدفاع من أداء واجبه المقرر في هذا
الشأن.
كما نصت المادة 125 من قانون
الإجراءات الجنائية على أنه ( يجب السماح للمحامي بالإطلاع على التحقيق في اليوم السابق
على الاستجواب أو المواجهة ما لم يقرر القاضي غير ذلك ، وفي جميع الأحوال لا يجوز الفصل
بين المتهم ومحاميه الحاضر معه أثناء التحقيق .
ولما كان حق الدفاع من الحقوق
الأصلية المكفولة لكل مواطن بحكم الدستور ، الأمر الذي يجب وضعه دائمًا في موضع التنفيذ
في كافة مناحيه والعمل على إزالة أية عقبات تعترض سبيله ولعل من أهم مظاهره وجوب السماح
للمحامي بالإطلاع على التحقيق حتى اليوم السابق على استجواب المتهم أو مواجهته بغيره
من المتهمين أو الشهود حتى يحاط الدفاع بما جرى في التحقيقات عن بصر وبصيرة حرصًا على
أداء واجبه وصولاً إلى الحقيقة التي ينشدها المجتمع.
ثالثا: حق المحامي في أن يعامل بالاحترام الواجب من المحاكم
وجميع الجهات التي يحضر أمامها :
نصت على ذلك المادة
(49) من قانون المحاماة ، في ضمانة للمحامي باعتباره شريكاً في تحقيق العدل ، فلا يجوز
التعدي عليه أثناء تأديته واجبه أو الإتيان بشيء ينقص من الاحترام الواجب له ، وهذا الاحترام الواجب ، لا يصل إلى غايته ما لم
تتضافر معه حماية تسبغ على المحامي حال قيامه بواجبه وأمانته ، فلا جدوى من ترك واجب
الاحترام للآخرين يبذلونه متى شاءوا أو يضنون به متى أرادوا ..
لذلك نصت الفقرة الثانية
من المادة 49 سالفة الذكر ، على أنه :
" واستثناء من الأحكام
الخاصة بنظام الجلسات والجرائم التي تقع فيها المنصوص عليها في قانون المرافعات والإجراءات
الجنائية إذا وقع من المحامي أثناء وجوده بالجلسة لأداء واجبه أو بسببه إخلال بنظام
الجلسة أو أي أمر يستدعي محاسبته نقابيًا أو جنائيًا ، يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة
بما حدث ويحيلها إلى النيابة العامة ويخطر النقابة الفرعية المختصة بذلك "
فلا تجيز هذه المادة للقاضي أن يعامل المحامي الحاضر أمامه بما قد تعامل
به جرائم الجلسات وكل ماله هو أن يحرر مذكرة
تحال إلى النيابة العامة مع إخطار نقابة المحامين الفرعية بذلك ــ ونقلتها
بنصها المادة 590 من تعليمات النيابة العامة
( الكتاب الأول ) .
وعلى ذات هذا النظر جرت
المادة 245 من قانون الإجراءات الجنائية ،
بل وزادت أنه لا يجوز أن يكون رئيس الجلسة
أو أحد أعضائها عضوًا في الهيئة التي تنظر ما عساه أن يرفع على المحامي.
وتأمينا ً للمحامي من أي
جنوح في معاملته ، نصت المادة 50 من قانون
المحاماة على أنه :
" إذا وقع من المحامي أثناء الجلسة ما يخل بنظام الجلسة
، فهنا لا يجوز توقيع الأحكام الخاصة باحترام الجلسات المنصوص عليها في قانون المرافعات
والإجراءات الجنائية. وإنما يأمر رئيس الجلسة بتحرير مذكرة وإحالتها إلى النيابة العامة
وأن يخطر النقابة الفرعية.
وهنا لا يجوز القبض على
المحامي أو حبسه احتياطياً ولا يجوز رفع الدعوى الجنائية إلا بأمر من النائب العام
أو المحام العام ولا يشترك في نظر الدعوى أحد من أعضاء الهيئة التي وقع عليها الاعتداء.
وجوهر هذا الاستثناء الذي
قرره الشارع في شأن جرائم الجلسات التي قد تقع أو تنسب إلى محام - أنه لم يخول المحكمة
سلطة التحقيق أو الحكم فيها ، وإنما قصر سلطتها على مجرد الإحالة إلى النيابة العامة
لإجراء التحقيق ، فلا يجوز للمحكمة أن تحقق مع المحامي الحاضر أمامها أو تتخذ إزاءه
أي إجراء من الإجراءات التحفظية ، وغاية هذا واضحة هي توفير مظلة الأمان الواجب للمحامي
وهو ينهض برسالته بالجلسة
وعلة هذا الاستثناء أن المحامي
يحتل في النظام القضائي الحديث مركزًا قانونيًا ، وهو يعاون القاضي في الفهم الصحيح
لوقائع الدعوى والتطبيق السليم للقانون عليها ، ومن المصلحة أن يمكن من أداء واجبه
في حرية ودون أن يخشى إجراءً تعسفيًا أو عقوبة فورية يوقعها القاضي عليه ، يعني ذلك
أن ثمة اختلافًا أساسيًا بين وضع المحامي في الجلسة ووضع غيره من الحاضرين فيها ، وهذا
الاختلاف يفسر الحكم الخاص بهذه الجرائم ، وبالإضافة إلى ذلك ، قدر الشارع أن من المصلحة
- في حالة وقوع الاعتداء على أحد أعضاء هيئة المحكمة - أن يفصل في جريمة المحامي في
جلسة غير الجلسة التي سيطر عليها التوتر الذي ترتب على المشادة بينه وبين عضو المحكمة
، بل إن الإرجاء قد يتيح الصلح بينهما ، فلا تحال الدعوى إلى القضاء ، وفي عودة الوئام
بين عضو هيئة المحكمة المعتدى عليه وبين المحامي مصلحة لا شك فيها ، وإذا أحيلت الدعوى
على القضاء ، فإنه يفصل فيها قاضٍ آخر غير من وقع الاعتداء عليه ، فلا يجوز أن يجمع
شخص واحد بين صفتي المجني عليه والقاضي.
وفيما يبدو أنه استجابة
واجبة لهذه القاعدة المقررة بقانون المحاماة وقانون الإجراءات الجنائية وتعليمات النيابة
العامة - نصت المادة 592 من تعليمات النيابة
العامة على أنه:- " لا يجوز القبض على
محامٍ أو حسبه احتياطيًا لما نسب إليه في الجلسة من جرائم القذف والسب و الإهانة بسبب
أقوال أو كتابات صدرت منه أثناء أو بسبب ممارسته المهنة ، وعلى عضو النيابة تحرير محضر
بما حدث في هذه الحالة وإبلاغ صورته عن طريق المحامي العام أو رئيس النيابة الكلية
إلى مجلس النقابة ، و ذلك دون إخــلال بسلطة النيابـة فــي تحقـيـق هذه الجرائم .
رابعا : عدم مسئولية المحامي على ما يرد في مذكراته أو دفاعه
:
وقد نصت على ذلك المادة
47 من قانون المحاماة ، وذلك لضمان حق المحام في الدفاع عن موكله فلا يجوز لخصم المحام ، إقامة الدعوى ضد المحامي
على أي شيء قد يورده في مذكراته أو فى دفاعه.
المبحث الثاني
تقاليد مهنة المحاماة و واجبات المحامي
أهمية أعراف و تقاليد المهنة
هي أنها تذكر المهني بصورة دائمة بالسلوك القويم الذي ينبغي عليه التزامه في القيام
بأعمال مهنته. ذلك أنه إزاء المشكلات التي يصطدم بها المهني في قيامه بالتزاماته المهنية،
قد يبدو من غير الملائم تركه يحتكم إلى رؤيته الشخصية. فهذه الرؤية قد تختلف من شخص
لآخر. و قد تملي على المهني حكما غير صائب.
و لذلك يكون من الأفضل أن
يحدد المهني موقفه وفقا لتقاليد المهنة و أعرافها، فهذه و تلك تعد مرآة لما ارتضاه
أهل المهنة و استقر في ضميرهم من حلول.
قد يقال أن النصوص القانونية
المكتوبة تغني عن الأعراف و التقاليد المهنية في القيام بهذا الدور الأخير.
و لكن من جهة، ليس هناك
ما يمنع من أن تتضافر قواعد أخلاقيات المهنة مع قواعد القانون في القيام بالمهمة نفسها.
و من جهة أخرى ، فإنه يظل مع ذلك ، للأعراف و التقاليد أهميتها و دورها المتميز، من
زاوية أن إحساس المهني بها و إدراكه لها كثيرا ما يفوق إدراكه لقواعد القانون العام.
ففي ميدان المحاماة، التقدم
الحقيقي نحو الأفضل لا يكون إلا في جانبها الروحي، و الروح أزلية و خالدة، و أحسن ما
يغذيها هو الأعراف و التقاليد، هذه الأخيرة لا يمكن لأي تعديل أو تغيير في النصوص القانونية
أن يحصرها أو يحددها لأنها غير قابلة للحصر و التحديد وترجع إلي ضمير و وجدان المحامي
، وإن ما يجعل من مهنة المحاماة ضرورة حضارية، هو تحلي رجالها بالعلم و تمسكهم بأعراف
و تقاليد مهنتهم التي ترتكز على الاستقلالية و الحرية الملتزمة، و الصدق و حسن السيرة
و السلوك، و حب المهنة بالوفاء لماضيها و الإخلاص لحاضرها و التطلع بها إلى الغد الأفضل
و كل ذلك من أجل مساعدة القضاء لإحقاق الحق و إبراز العدل .
فالأعراف و التقاليد المستمدة
من المثل و القيم العليا و المجبولة بجبلة الخير، يضمن لمهنة المحاماة الدوام و الاستمرار
في خدمة العدالة و بالتالي في المساهمة في بناء صرح الحضارة و تجسيد معالمها.
إن الأعراف و التقاليد والقواعد
القانونية تفرض على المحامين بمناسبة قيامهم بأعمال مهنتهم واجبات عديدة و متشعبة،
و لكن يمكن ردها إلى ثلاث صور أساسية و هي :
أولا: الواجبات تجاه الموكلين :
1.الامتناع عن مساعدة الخصم
:
وضحت هذا الواجب (المادة
80 من قانون المحاماة) فإنه يمتنع على المحامي مساعدة خصم موكله حتى ولو كانت هذه المساعدة
من قبيل المشورة وذلك في نفس النزاع القائم بين موكله وخصمه ، أو إذا كان هذا النزاع
مرتبط به. وعلى وجه العموم لا يجوز للمحامي أن يمثل مصالح متعارضة.
2.الالتزام ببذل غاية جهده
في الدفاع عن موكله :
من أهم الواجبات الملقاة
على عاتق المحامي أن يبذل غاية جهده وعنايته في دفاعه عن موكله وأداء رسالته المهنية
السامية ، ونص قانون المحاماة على ذلك الواجب في المادة 63 منه " يلتزم المحامي
بأن يدافع عن المصالح التي تعهد إليه بكفاية وأن يبذل في ذلك غاية جهده وعنايته".
3.يجب على المحامي أن يحتفظ
بسر موكله :
نصت م/79 من قانون المحاماة
على أنه "على المحامي أن يحتفظ بما يفضي به إليه موكله من معلومات ما لم يطلب
منه إبداءها للدفاع عن مصالحه في الدعوى".
هذا الواجب من أهم واجبات
مهنة المحاماة نظراً لأنها رسالة لها قدسيتها في الشرف والأمانة والاحتفاظ بأسرار الموكلين.
وفي ذات المعنى والسياق
سالف البيان نصت م 66 من قانون الإثبات فى
المواد المدنية والتجارية على أنه :
" لا يجوز لمن علم من المحامين أو الوكلاء أو الأطباء
أو غيرهم عن طريق مهنته أو صنعته بواقعة أو معلومات أن يفشيها ولو بعد انتهاء خدمته
أو زوال صفته ما لم يكن ذكرها مقصودًا به ارتكاب جناية أو جنحة "
.
4.يجب على المحامي ألا يتعامل
في الحقوق المتنازع عليها :
نصت على هذا الواجب المادة
81 من قانون المحاماة "لا يجوز للمحامي أن يبتاع كل أو بعض الحقوق المتنازع عليها
إذا كان يتولى الدفاع بشأنها " ، وأيضاً نصت المادة 82 على أنه "للمحامي
الحق في تقاضي أتعاب لما يقوم به من أعمال المحاماة والحق في استرداد ما أنفقه من مصروفات
في سبيل مباشرة الأعمال التي وكل فيها.
إذن ، يتضح لنا أنه لا يجوز
للمحامي التعامل في الحقوق المتنازع عليها وإنه من حقه تقاضي أتعابه على ما قام به
من أعمال المحاماة.
5.الامتناع عن الشهادة عن
الوقائع التي علم بها عن طريق مهنته :
ونصت على ذلك المادة 65
من قانون المحاماة بقولها:"على المحامي أن يمتنع عن أداء الشهادة عن الوقائع أو
المعلومات التي علم بها عن طريق مهنته إلا إذا كان ذكرها بقصد ارتكاب جناية أو جنحة .
ومن المتفق عليه أنه يجوز
للمحامي عن المتهم أن يسمع كشاهد نفي ، إذ لا يوجد أي تعارض بين الصفتين ، صفته كمحام
عن المتهم وصفته كشاهد نفي للاتهام المنسوب إلى موكله ، إذ لا يوجد أي نص قانوني يحظر
على المحامي أن يكون شاهدًا ، ولكن استشهاد سلطة الاتهام بالمحامي هو وحده الذي يتعارض
مع واجبه في الدفاع عن المتهم ، ومع ما يمليه عليه واجب عدم إفشاء الأسرار التي أؤتمن
عليها فلا يجوز للمحامي ــ حينئذ
ــ أن يشهد ضد موكله المتهم المكلف
بالدفاع عنه.
والأصل هو أن حظر إفشاء
الأسرار مقرر حتى ولو كان للتبليغ عن جريمة وقعت بالفعل ، فليس للطبيب الذي يدعى إلى عيادة مصاب أن يبلغ عن
إصابته ، ولو اتصلت بجناية سواء أكان فيها جانيًا أو مجني عليه ، وليس للمحامي الذي
اعترف له موكله بارتكاب جريمة معينة أن يبلغ عنها وهكذا ، ولا يمكن للطبيب أو المحامي
في مثل هاتين الصورتين أو غيرهما أن يتذرع بحكم المادة 25 إجراءات التي أجازت (لكل
من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى عنها بغير شكوى أو طلب أن يبلغ
النيابة العامة أو أحد مأموري الضبط القضائي عنها.
6.يجب على المحامي أن يبلغ
موكله بسير القضايا وتقديم النصح له بالطعن في الأحكام
:
ونصت على ذلك المادة رقم
78 من قانون المحاماة "يتولى المحامي إبلاغ موكله بمراحل سير الدعوى وما يتم فيها
وعليه أن يبادر إلى إخطاره بما يصدر من أحكام فيها وأن يقدم له النصح فيما يتعلق بالطعن
في الحكم إذا كان في غير مصلحته وأن يلفت نظره إلى مواعيد الطعن.
7.يجب على المحامي أن يمثل
موكله في حدود الوكالة وله حرية الدفاع وتكييف الدعوى
ويسلك في دفاعه الطريق الذي
يراه مناسبا وله الحرية في ذلك.
8.لا يجوز للمحامي أن يتنازل
عن التوكيل في وقت غير لائق :
هذا الواجب هو مقرر لمصلحة
الموكل حتى لا يتنازل المحامي عن التوكيل في وقت حرج وغير مناسب مما يسيء من الموقف
القانوني للموكل ، وهذا الواجب أخذ صفة الإلزام والإجبار إذ نصت عليه المادة 92 من
قانون المحاماة على أنه " لا يجوز للمحامي أن يتنازل عن التوكيل في وقت غير لائق" .
ويجب على المحامي أن يخطر
موكله بكتاب موصى عليه بتنازله عن التوكيل ، وإذا أراد المحامي أن يتنحى عن دفاعه فلا
يجوز له ذلك إلا بعد استئذان المحكمة التي يتولى الدفاع أمامها ويستمر في الدفاع إلى
أن تعين المحكمة محامي آخر وتقبل تنحيه عن الدفاع.
ثانيا: واجبات المحامي تجاة المهنة و تجاة النقابة :
1.الحضور بالرداء الخاص
بالمحاماة والمظهر اللائق :
فيجب على المحامي أن يحافظ
دائماً أبداً على مظهره اللائق لأنه يعبر عن سمو لرسالته التي يحملها وذلك من خلال
حضوره بالزى اللائق والخاص بالمحاماة، وأيضاً باتخاذه مكتباً لائقاً في دائرة النقابة
التابع لها عمله.
2.احترام القوانين والسلطة
العامة :
لقد ألزم القانون على المحامي
احترام القوانين والسلطة العامة ، وقضى بمعاقبة من يخالف ذلك.
ونصت المادة 98 من قانون
المحاماة على العقوبات التي توقع على المحامي الذي يخالف أحكام القانون أو النظام الداخلي
للنقابة أو الذي يخل بواجبات المهنة أو يتصرف تصرفاً ينال من قدر المهنة وهذه العقوبات
هي:
الإنذار ــ اللوم ــ المنع
من مزاولة المهنة ــ محو الاسم نهائياً من الجدول.
3.يجب على المحامي ألا يوقع
على صحف دعاوى أمام المحاكم غير المقيد بها وألا يوقع على الطعون وألا يحضر وألا يمارس
أعمال المرافعة بالمخالفة لأحكام ممارسة مهنة المحاماة وإلا حكم عليه بعدم قبول الطعن
.
4.الالتزام بمبادئ الشرف والنزاهة :
نصت المادة 62 من قانون
المحاماة على أن "على المحامي أن يلتزم في سلوكه المهني والشخصي بمبادئ الشرف
والاستقامة والنزاهة وأن يقوم بجميع الواجبات التي يفرضها عليه هذا القانون والنظام
الداخلي للنقابة ولوائحها وآداب المحاماة وتقاليدها ، فيتضح لنا إذن أنه يحب على المحامي
أن يكون متسماً بالشرف والنزاهة عند تأديته واجباته.
5.الامتناع عن قبول دعوى
يكون الخصم فيها جهة كان يعمل بها سابقاً
:
جاء هذا الالتزام من أن
المحامي الذي كان يعمل لدى جهة ما فإنه بذلك يحمل لها ولاء مفروض ونصت على ذلك المادة
66 من قانون المحاماة بقولها : " لا يجوز
لمن تولى وظيفة عامة أو خاصة وانتهت علاقته بها واشتغل بالمحاماة أن يقبل الوكالة بنفسه
أو بواسطة محامي يعمل في مكتبه بأية صفة كانت في دعوى ضد الجهة التي يعمل بها وذلك
خلال السنوات الثلاثة التالية لانتهاء علاقته بها" .
6. التقدير لواجب القضاة
:
لا بد وأن تكون العلاقة
بين المحامي وأعضاء الهيئات القضائية قائمة على الحب والاحترام المتبادل والتقدير الكامل
لهما ، وأنه يحب على كل مواطن احترام هيبة ومكانة القضاة ، وبصفة خاصة فإن ذلك واجب
على المحامي قبل أي مواطن آخر ، ولقد نصت المادة 67 من قانون المحاماة على أن
"يراعي المحامي في مخاطبة المحاكم عند انعقادها أن يكون ذلك بالتقدير اللازم وأن
يعمل على أن تكون علاقته بأعضاء الهيئات القضائية قائمة على التعاون والاحترام المتبادل".
7.يجب على المحامي عدم ذكر
الأمور الشخصية التي تسيء إلى خصم موكله وعدم اتهامه بما يمس شرفه وكرامته ما لم يستلزم
ذلك ضرورة الدفاع عن مصالح موكله
وذلك طبقا لنص المادة
(69 ) من قانون المحاماة المصري.
8.حظر استخدام وسائل الدعاية :
نصت المادة 71 من قانون
المحاماة على أنه" يحظر على المحامي أن يتخذ في مزاولة مهنته وسائل الدعاية أو
الترغيب أو استخدام الوسطاء أو الإيماء بأي نفوذ أو صلة حقيقية أو مزعومة ، كما يحظر عليه أن يضع على أوراقه أو لافتته
المكتبية أي ألقاب غير اللقب العلمي وبيان درجة المحكمة المقبول للمرافعة أمامها أو
استخدام أي بيان أو إشارة إلى منصب سبق أن تولاه.
9.الإشراف على الموظفين
العاملين بمكتبه :
حيث نصت على هذا الواجب
المادة 57 من قانون المحاماة إذ نصت على أن "يشرف المحامي على الموظفين العاملين
بمكتبه ومراقبة سلوكهم والتحقيق من أنهم يؤدون ما يكلفون به بأمانة وصدق".
وليس ذلك فقط وإنما يجب
على المحامي أن يصدر توكيل للمحامين العاملين معه لتمكينهم من أداء مهام المهنة نيابة
عنه من إطلاع وتقدير المستندات واستلام الأحكام وغيرها.
10.من أهم واجبات المحامي
عدم الإدلاء بتصريحات عن القضايا المنظورة أمام المحاكم والتي يتولى الدفاع فيها ويحظر
عليه نشر أي بيانات من شأنها التأثير في سير هذه الدعوى .
ثالثا : واجبات المحامي تجاه المجتمع :
المحاماة ساعد من سواعد
العدالة تسعى إلى إحقاق الحق و نصرة المظلوم ، فكل محامي في موقع عمله الخاص أو الرسمي
مجند لخدمة المجتمع بكل إمكانياته و طاقاته.
فالمحاماة رسالة إنسانية
نبيلة و ضرورية في أي مجتمع مستمدة سموها و نبللها من إحقاق الحق و رفع المظالم و مساعدة
العدالة على بلوغ هذه المقاصد العليا .
حيث يعتبر تقديم المساعدات
لغير القادرين من أهم الإلتزامات الملقاة على عاتق المحامي ، مما يتفق مع أخلاقيات
وسمو رسالة المحامي والمحاماة ، وقد نصت المادة 64/1 من قانون المحاماة على أن
"على المحامي تقديم المساعدات القضائية للمواطنين غير القادرين وغيرهم في الحالات
التي ينص عليها هذا القانون وعليه أن يؤدي واجبه عمن يندب للدفاع بنفس العناية التي
يبذلها إذا كان موكلا ً.
خاتمة
وبعد أن حاولنا جاهدين إيضاح
ما للمحامي من حقوق تتمحور حول إستقلاليته وحريته في أداء عمله وضمانات ذلك تمكينه
من الإطلاع وتجريم التعدي عليه أثناء تأدية مهام عمله ، بالإضافة إلي أعراف وتقاليد
مهنة وما يجب علي المحامي مراعاته عرفا وقانونا وذلك إنطلاقا من نبل رسالة المحاماة
والتي تستمد سموها ونبلها وعظمتها من إحقاق الحق ورفع المظالم ومساعدة العدالة علي
بلوغ هذه المقاصد العليا .
ولا تقتصر واجبات المحامي تجاة موكليه ومجتمعه وإنما
تمتد بالضرورة إلي زملاء المهنة أيضا فيجب مراعاة مبدأ اللياقة في التعامل والمحافظة
علي وشائج المودة فيما بين زملاء المهنة فيزيد ذلك من وقار واحترام المهنة والمنتسبين
لها.
وعظمة مهنة المحاماة و استقلاليتها
وحريتها وإذا ما مورست بأخلاق أصبحت لا تضاهيها مهنة بما تحتوية من إثبات للذات واستقلالية
وحرية في العمل وكانت وسوف تظل مهنة المحاماة عظيمة إلي الأبد لمن تذوق العمل بها و
بحق.
المراجع
1. د. عبد الرءوف مهدي ــ شرح
القواعد العامة للإجراءات الجنائية ــ طبعة
نادي القضاة ـــ 2003 ــ رقم
915 ــ
ص 1334 ) .
2. د. محمود نجيب ـــ الإجراءات ــ طـ
1988 ــ
رقم 179 ــ ص 165
ــ166.
3.الأستاذ علي زكي العرابي ــ الإجراءات ــ جــ
1 ــ
رقم 1439 ــ ص 695
4.دكتور محمود مصطفى ــ الإجراءات ــ رقم
87 ــ
ص 115
5.د. حسن المرصفاوى ــ الإجراءات ــ رقم
65 ــ
ص 168
6. د. مأمون سلامة ــ الإجراءات
الجنائية في التشريع المصري ــ جـ 1 ــ ص 187/188
6.د. مأمون سلامة ــ الإجراءات
معلقًا عليه ــ ط 1980
ــ ص 612.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق